في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها لبنان، يلوح خطر إدراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، مما قد يضعه في قائمة الدول ذات المخاطر العالية. على الرغم من تنفيذ لبنان أربعة شروط فقط من أصل أربعين، إلا أن العديد من القضايا ما زالت عالقة، لا سيما في مجالات مكافحة الفساد والتهرب الضريبي. أحد أبرز المشكلات هو تفشي الفساد في الصفقات العمومية، حيث باتت الصفقات بالتراضي ممارسة شائعة في العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية. كما تعاني البلاد من تهريب البضائع والتهرب الضريبي، إضافة إلى عدم استجابة السلطات لطلبات تجميد الأصول المرتبطة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
الرد اللبناني على هذه التحديات يوحي بنوع من الاستسلام، حيث يبدو أن هناك قبولاً ضمنياً لإمكانية إدراج البلاد على اللائحة الرمادية دون اتخاذ إجراءات جادة لمعالجة المشكلات الأساسية. ورغم وجود بعض الطمأنينة من قبل مسؤولين ماليين بشأن قدرة لبنان على مواصلة التعامل مع المصارف المراسلة الست الحالية، وهو ما قد يخفف من التأثيرات النقدية والمالية لهذا الإدراج، فإن هذا لا يعد حلاً مستداماً.
الحاجة ملحة لاتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الفساد، والتهرب الضريبي، وضمان الامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. بدلاً من الاكتفاء بحلول مؤقتة أو الاستسلام للوضع القائم، يتعين على السلطات اللبنانية التحرك بسرعة لضمان عدم وضع البلاد تحت المزيد من الرقابة الدولية، التي قد تؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة وتفاقم الأزمة المالية القائمة.