يجمع عدد كبير من الخبراء على أن كل الأرقام الواردة في مسودة الموازنة الجديدة ليست دقيقة ومبنية على تقديرات لا أساس حسي أو قانوني لها، وبعيدة عن الشفافية المالية ومخالفة للدستور. وضعت الحكومة مسودة مشروع موازنة 2025 دون قطع حساب الموازنة السابقة، بالإضافة إلى عيوب أخرى.
يبرز العيب الأول في عدم وجود قطع حساب، مما يعني أن الحكومة لم تقدم تقريرًا ماليًا نهائيًا عن الموازنة السابقة قبل إعداد الموازنة الجديدة. هذا يثير تساؤلات حول الشفافية والمصداقية في إدارة الأموال العامة.
العيب الثاني يتمثل في العجز الكبير الذي سيُموَّل بالتضخم، مما يعني أن الحكومة ستلجأ إلى طباعة المزيد من الأموال لتغطية العجز، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.
العيب الثالث يكمن في غياب أي رؤية بخصوص الشق الإنمائي، مما يستدعي توجيه الأموال نحو عقود “بي تو بي”. هذا يعني أن الحكومة لم تضع خطة واضحة لتنمية الاقتصاد وتحسين البنية التحتية، بل تركز فقط على الجوانب المالية دون النظر إلى الأبعاد التنموية.
العيب الرابع يظهر في مشكلة الضرائب وكيفية فرضها، حيث لا تزال تعتمد على نفس الاستراتيجية القديمة، مما يؤدي إلى تراكم الضرائب الخاطئة سنة بعد سنة. كل موازنة جديدة تجلب ضريبة خاطئة تُحمَّل على المواطن، وبطبيعتها ستكون موازنة تقلص اقتصادي كما هو الحال الآن، دون أي رؤية لإصلاحات في البلد، وأغلب الأموال تذهب للموظفين فقط.
تتطلب هذه العيوب معالجة جذرية لضمان تحقيق الشفافية المالية والعدالة الاقتصادية. يجب على الحكومة أن تقدم قطع حساب دقيق للموازنة السابقة قبل إعداد أي موازنة جديدة، وأن تتبنى سياسات مالية تضمن تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات دون اللجوء إلى التضخم. كما يجب أن تضع رؤية تنموية شاملة تشمل جميع القطاعات الاقتصادية وتضمن توزيع عادل للموارد. وأخيرًا، يجب إصلاح نظام الضرائب ليكون أكثر عدالة وشفافية، ويعتمد على أسس قانونية واضحة.
في الختام، يتطلب تحقيق هذه الأهداف تعاونًا بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص. يجب أن تكون هناك إرادة سياسية قوية لتحقيق الإصلاحات المطلوبة وضمان مستقبل اقتصادي مستدام للبنان.